الكتابة عند المصريين القدماء
لقد عني المصري القديم بتسجيل كل شئ كتابة من أصغر حدث إلي أعظم ما يمر به ، بداية من طريقة معيشته مروراً بمشاكله والأفكار التي تشغله.كما دون بعض النصوص الأدبية لكنها لم تصل إلينا كاملة أما النصوص الدينية التي كانت منتشرة في المقابر، فهي أكمل شئ وصل إلينا. وبسبب ذلك اهتم المصري بالكتابة اهتماما شديداً وعمل على تطويرها لتناسب احتياجاته وظروفه.
أما أصل الكتابة شأنه مثل نظائره بين الأمم البدائية أي بدأت الكتابة على هيئة صور و قد ظل المصريون يستعملون الصور لفترة طويلة اما الأمم الأخرى فقد طورت كتابتها إلي رموز.و كانت حضارة سومر (حضارة نشأت في جنوب العراق)هى التي أرشدت المصريين إلى أصول الكتابة بالرموز ومنها ظهرت الكتابة الهيراطيقية (الخط الكهنوتي)التي كان المصريون يستخدمونها في الأغراض الدينية و أول ما ظهرت الهيراطيقية كان هناك أختلاف بينها و بين السومرية ثم حدث تطور على الكتابة الهيراطيقية حتى فقدت أي تشابه بينها وبين أصولها.أما الهيروغليفية فهي كتابة ظهرت بعد ذلك, كانت تستخدم للأغراض الدنيوية و كانت تعتمد علي الصور.
ثم تطورت الكتابة الهيراطيقية إلي كتابة أسرع منها وأصعب قراءة سميت بالديموطيقية (أغراض دنيوية) وظلت مستعملة حتى العصر المسيحي .
ثم هجر المصريون الديموطيقية ولسنا ندري لماذا؟ هل بسبب خطوطاتها المعقدة أم بسبب آخر ؟ وكتبوا اللغة المصرية بحروف يونانية ثم أضافوا بضعة حروف مشتقة من الهيروغليفية لتمثل الأصوات التي لا توجد في اليونانية وسميت بالقبطية وظلت مستخدمة حتى القرن السابع عشر ولا تزال مستخدمة في طقوس الكنيسة القبطية .
وكانت الهيروغليفية تكتب من اليمين إلي اليسار أو العكس أحياناً أو من أعلى إلي أسفل أما الهيراطيقية والديموطيقية كانتا تكتبان من اليمين إلي اليسار دائماً .
أدوات الكتابة:
أول ما بدأ المصري الكتابة ,كان يكتب علي الحجارة ثم ظهرت بعد ذلك ورق البردي (نبات البردي كان ينمو في مصر بكثرة في المستنقعات والبرك ولكنه لا يوجد الآن في النيل ابتداء من شمال الخرطوم)
والطريقة التي استخدمت لصنع ورق البردي من سيقانه هي:-
1. تقطع سيقان البردي الطويلة إلي أجزاء أصغر طول 30 سم ثم ينزع منها القشر.
2. يقطع اللب الناتج طولياً إلي شرائح رقيقة ترص متجاورة.
3. ترص فوق الطبقة السفلية طبقة أخرى من الشرائح بنفس الطريقة حيث تكون متعامدة عليها.
4. تكبس الطبقتان معاً أو تقريان حتى تلتحما.
ولم يستخدم المصري القديم أي مواد لاصقة سوى العصارة الناتجة من عملية الضرب أو الكبس وهي عصارة طبيعية تحتوي على النشا.
كما استخدم المصري مواد كتابية أخرى غير الورق منها رقائق الحجر الجيري الأبيض وكسر الأواني الفخارية واستخدموا أيضاً ألواح الخشب بعد كسوها بالجص.ومثل هذه الأدوات كانت مخصصة لأغراض مؤقتة مثل التمارين المدرسية أو المسودات أو المعاملات الغابرة أو الخطابات أو سجل حضور العاملين. بالإضافة إلى أستخدامهم أيضاً الجلد المكسو وفي العصر المتأخر استخدم في التدوين العاج والطين والكتان وحتى البرونز.
و قد كانت لوحة الكاتب الحجرية أبعادها من 20- 43 سم طول و5-8 سم عرض و510 سمك، وعند إحدى حافات اللوحة يوجد تجويفان أو أكثر لوضع الألوان حيث يوضع اللون الأحمر في التجويف الأول واللون الأسود في التجويف الثاني وأي لون آخر في أي تجويف آخر أما الألوان فكانت على صورة أقراص جافة، اللون الأسود كان مصدره الكاربون واللون الأحمر مصدره منطقة المغارة الحمراء وكانوا يعدون أقراص الألوان عن طريق هي خلط الصبغة بمحلول صمغي مخفف فيتخثر المداد عند الجفاف أما إذا أراد إذابة المداد مرة أخرى يكفيه غمس الفرشاة في الماء و تمريرها فوق سطح القرص (مثل الألوان المائية). وكانت الفرشاة تصنع من سيقان البوص بقطع طولها من 15- 25 سم ويشطف طرفها شطفاً مائلاً ثم يهرس السن بفصل الألياف عن بعضها وأحياناً كانت أقلام البوص تستخدم مثل الريشة، ويتم ذلك عن طريق شق السن من الوسط. بدلا من هرسه بعد الشطف.