الإمارات والحضارة الإسلامية
بظهور الإسلام بدأت مرحلة جديدة في تاريخ هذه المنطقة، حيث دخلها الإسلام على يد
القائد العربي عمرو بن العاص، وتمكن ومن خلفه من تطهير الخليج من الغزاة وعاش
الخليج في ظل الإسلام فترة من الاستقرار، وأصبح في عصر الدولة الأموية أحد المراكز
التجارية والملاحية المهمة، كما ازدهرت فيه صناعة السفن التي كانت معروفة قبل ذلك
بفترة طويلة.
ومنذ أن دخل الإسلام إلى الخليج لم يتوقف تأثيره على أهل المنطقة فقط، وإنما امتد
إلى ما وراءها، فالتاريخ يشهد أن أبناء الخليج العربي كانوا حملة للعقيدة الإسلامية
فنشروها إلى أرجاء كثيرة من العالم، فقد كانت التجارة ميداناً رائداً لنشر الإسلام،
حيث يحمل التاجر العربي المسلم عقيدته وإسلامه قبل أن يحمل معه تجارته، وقد تأثرت
كثير من الشعوب بهذا الأسلوب في نشر الدين الإسلامي.
وفي ظل الحكم الإسلامي عاشت المنطقة التطورات التاريخية جميعاً التي شهدها العالم
الإسلامي، فتأثرت بها وأثرت فيها، وقد شهد ساحل الخليج في عهود ازدهار الحضارة
الإسلامية نمو مراكز تجارية وثقافية مهمة.
وفي دولة الإمارات عدد من المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور الإسلامية الأولى ،
وخاصة على الساحل الشرقي في «دبا» التي اشتهرت نتيجة وقوع حروب الردة فيها وهي تضم
مقبرة تدعى مقبرة أمير الجيوش وهي معاصرة للخليفة أبي بكر الصديق، وقرية بدية التي
تضم مسجداً يعتقد أن بناءه يعود إلى عصر الخلفاء الراشدين.
واكتشفت في إمارة عجمان مخلفات أثرية تعود إلى أقوام سكنت المنطقة في فترات إسلامية
متأخرة ترجع إلى القرن العاشر الهجري مثلها في ذلك مثل الاكتشافات الأثرية في موقع
الدربحانية في رأس الخيمة، حيث عثر على مسكوكات نحاسية، تحمل إحداها تاريخ 913
للهجرة «1507 ميلادي»، وقد ذكر الرحالة العربية الشهير ابن بطوطة عدداً من المدن
التي زارها على خليج عُمان حوالي 1331 ميلادية، مثل القريات «القرية» و «شبا»
ولعلها «دبا» وكلبا وخورفكان، فيقول في مؤلفه الشهير أنها كلها ذو أنهار وحدائق
وأشجار ونخل.
وهناك موقع إسلامي مبكر يقع على ساحل الخليج العربي هو موقع جميرة في إمارة دبي،
الذي يبدو أنه كان موجوداً قبيل الإسلام واستمر استيطانه في العصر الأموي، وقد كشف
فيه عن دور سكنية وبناء إداري، وسوق جميعها بنيت بالحجر والجص وزينت بزخارف جصية
رائعة يحتفظ متحف دبي بقسم منها.