العلاقات بين إسرائيل ودول حوض النيل
كتب:
د / سامح عباس
01/07/1431
الموافق 12/06/2010
مع اشتعال فتيل أزمة مصر مع دول حوض النيل، واندلاع الخلافات حول
الحصة المخصصة من مياه النيل لكل من مصر والسودان ظهرت ملامح الدور الخفي
لإسرائيل وراء تحريض دول حوض النيل الأفريقية "أثيوبيا-كينيا –أوغندا-
روندا " لانتهاك
الاتفاقية الدولية الخاصة بدول حوض النيل، وقد كشفت أزمة حوض النيل النقاب عن توسع الأطماع
الصهيونية داخل القارة الأفريقية، لاسيما في دول القرن الأفريقي وحوض
النيل التي تعتبر دول إستراتيجية بالنسبة للتوسع الصهيوني في القارة
السمراء.
ولم تكن زيارة
وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان إلى عدد من دول حوض النيل أواخر
العام الماضي من قبيل الصدفة، أو من أجل دعم العلاقات الثنائية بين تل أبيب
وتلك الدول، بل كانت بمثابة شارة البدء لتمرد دول حوض النيل ضد مصر
والسودان، لاستكمال المخطط الصهيوني طويل الأمد ضدهما.
فإسرائيل لا تزال تعتبر مصر عدوها الأول والأكبر، تسعى لإقصائها
بكل طريقة، لكي يخلو لها الطريق للاستفراد بالفلسطينيين، خاصة وأن القاهرة ما زالت ولا تزال الداعم الأكبر للقضية
الفلسطينيةبينما
تعتبر السودان المحطة الأساسية الداعمة لتقديم السلاح للمقاومة الفلسطينية،
لذا تقدمتل أبيب
دعمها السخي للمتمردين السودانيين لإقامة دولة مسيحية في جنوب السودان، مما
سيسفر عنه تقسيمها لدويلات.
إذن فانقلاب دول
حوض النيل على مصر والسودان وتوقيعها لاتفاقيات جديدة لتوزيع مياه النيل لم
يكن بشكل مستقل نابع منها, بل من تحريض وتوجيه صهيوني فاضح.
وعلى ضوء تلك الحقائق تفتح "مفكرة الإسلام" في هذا التقرير ملف
الاختراق الصهيوني لدول حوض النيل والعلاقات الخفية بين تل أبيب وتلك الدول، خاصة بعد إعلان مشاركة عدد من المؤسسات
الإسرائيلية في بناء السدود والمشاريع الزراعية في دول حوض النيل، إلى جانب
استغلال إسرائيل لنهر النيل من الإضرار بمصر وضرب مصالحها الإستراتيجية
والاقتصادية.
ولعل أبرز الوثائق
التي تميط اللثام عن الدور الإسرائيلي المشبوه في تقليب دولحوض النيل وانقلابها ضد مصر، كتاب خطير صدر
مؤخراً باللغة العبرية في تل أبيب للخبير الإستراتيجي الإسرائيلي "أرنون
شوفير" يتناول فيه مشكلة المياه بالشرق الأوسط بشكل عام، ويركز بشكل خاص
على مشكلة النيل ويفرد لذلك جزء ً كبيراً من صفحاته. ومن أهم ما تضمنه كتاب
(صراعات المياه في الشرق الأوسط) اعتراف مؤلفه صراحة بوجود مصالح
إسرائيلية حيوية ومخططات صهيونية في منطقة حوض النيل، وهو ما أكد عليه
"شوفير" في مستهل كتابه وتأكيده على أن لإسرائيل مصالح إستراتيجية وسياسية
كبيرة في منطقة حوض النيل، مشددا على أن نسب توزيع المياه بين دول نهر
النيل لها تأثير مباشر على إسرائيل، مما يُعد اعترافاً صريحاً منه بان
لبلاده أصابع خفية في دفع دول المنبع إلى توقيع اتفاقية منفردة لإعادة
توزيع مياه النيل.
يدعي الخبير الصهيوني في كتابه أنه من مصلحة إسرائيل أن نهر النيل
الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة لمصر، هو الذي منح الدولة اليهودية تفوقاً
تكتيكياً واستراتيجياً أثناء حروبها السابقة مع مصر، وحسب المؤلف, ففي حرب الاستنزاف مثلاً قامت
إسرائيل بضرب سد نجع حمادي وسد إسنا وخطوط الكهرباء الرابطة بين أسوان
والقاهرة، الأمر الذي دفع مصر إلى تغيير خططها، واضطرها إلى إرسال قوات
لحماية السد العالي من أي هجوم إسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى تقليل حدة
الضغوط والهجمات المصرية التي كانت تتعرض لها إسرائيل على خط القناة، وهنا
يكشف الكاتب عن المخطط الصهيوني المتعلق بمصر، والذي يأتي ضمن مخطط
وإستراتيجية أوسع تشمل كافة دول حوض النيل، مشيراً إلى أن موجات الجفاف
المتعاقبة التي تعرض لها حوض النيل، بالإضافة إلى الزيادة السكانية
المرتفعة في مصر، أدت إلى عدم تمكن مصر من توفير اكتفائها الذاتي من
الغذاء، وبالتالي اعتمدت على دول أخرى لتوفير الغذاء لسكانها، الأمر الذي
جعل مصر ترتبط بدول خارجية وخاصة الولايات المتحدة التي تُعد أكبر منتج
للغذاء في العالم.
ويرى الخبير الصهيوني أنه كلما زاد اعتماد مصر على الولايات
المتحدة كلما كان هذا الأمر في صالح إسرائيل لأنه يضمن استقرار اتفاقية
السلام الموقعة بين القاهرة وتل أبيب.
وحسب المخطط
الصهيوني المرسوم بعناية فإن أزمة المياه في مصر ستضطرها إلى إجراء إصلاحات
اقتصادية وإلى ترشيد استهلاك المياه، وهو ما قد يصبح سبباً لتعاون كبير
بين مصر وإسرائيل، لأن إسرائيل تمتلك خبرة واسعة في كلا المجالين، ويمكن
لمصر أن تستفيد منها في هذا الأمر.
كما يؤكد مؤلف
الكتاب على أن إسرائيل من مصلحتها حدوث أزمة مياه في مصر، لأن ذلك سيدفعها
إلى الانشغال في صراعات بهذا الشأن مع جيرانها في منطقة حوض النيل، الأمر
الذي سيقلل من تدخلها في شئون وقضايا العالم العربي، وهو ما تريده إسرائيل
بالضبط.
ورغم ذلك لا تخفى
عناصر إسرائيلية قلقها من أن تؤدي أي أزمة مياه قد تتعرض لها مصر من تنامي
قوة العناصر المتطرفة التي تعارض اتفاقية السلام مع إسرائيل.
أزمة حوض النيل والحرب المستقبلية في سيناء:
ويتطرق الكتاب إلى نقطة مهمة أخرى تتعلق بسيناء، حيث يتوقع المحلل
الإسرائيلي أن يشهد عام 2015م انتقال آلاف المزارعين والفلاحين المصريين
للإقامة في سيناء بالقرب من الحدود المشتركة مع إسرائيل، نتيجة مشاريع التنمية التي تتم في سيناء والتي
من ضمنها مد ترعة السلام إلى مدينة العريش، وهنا يوضح أن هذا هو السبب
الحقيقي-الغير معلن- الذي دفع رئيس الأركان الإسرائيلي إلى إصدار قراره
الخاص ببناء جدار حدودي فاصل على طول الحدود المصرية-الإسرائيلية، وذلك حتى
يضمن حماية إسرائيل استعداداً لأي تداعيات قد تحدث نتيجة لأمر كهذا.
وأشار المؤلف إلى أنه يوجد في إسرائيل حالياً فريقان ينظر كل منهما
نظرة مغايرة لهذا الأمر، فلأن توطين هذا العدد الضخم من المزارعين
المصريين في سيناء بالقرب من الحدود الإسرائيلية سيؤدي إلى إحداث تغيرات
إستراتيجية كبيرة في المنطقة، نجد أن هناك إسرائيليين ينظرون نظرة تشاؤمية
لهذا الموضوع، حيث يرون أنه في حال وقوع مواجهات مستقبلية بين مصر وإسرائيل
لن تتمكن إسرائيل من تكرار سيناريو حربي 48 و 67 وستجد القوات
الإسرائيلية صعوبة في الزحف بتجاه قناة السويس نتيجة لوجود هذا العديد
الضخم من المزارعين المصريين الذين سيشكلون جبهة أمامية لمصر.
أما الفريق
الإسرائيلي المتفائل من هذا الأمر فيرى أن الاستثمارات الضخمة التي
استثمرتها مصر على مدار 25 عاماً في جنوب سيناء، بالإضافة إلى الاستثمارات
الحالية التي يتم استثمارها في شمال سيناء سيزيدان من رغبة مصر في التحاور
مع إسرائيل ،ويجعل من مصلحة مصر زيادة حرارة السلام بين البلدين حفاظاً على
تلك الاستثمارات.
ويبدو أن مؤلف
الكتاب من أنصار النظرة التشاؤمية لتحذيره في أكثر من موضع في الكتاب من
مغبة انتقال أعداد غفيرة من المصريين لسيناء, باعتبار أن ذلك قد يعيق
المخططات الإسرائيلية لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وإقامة دولة لهم فيها.
المخطط الصهيوني والعلاقات الأثيوبية:
يقول الكاتب الإسرائيلي : إن مصلحة إسرائيل الإستراتيجية تقضي بعدم
سيطرة الدول العربية على البحر الأحمر.. لذلك تعمل الدولة العبرية-من خلال
مخطط قديم-على فرض سيطرتها ونفوذها على الدول الغير عربية المطلة على هذا
البحر ومساعدتها بكل استطاعتها، وخاصة دولتي اريتريا وأثيوبيا، اللتين تكتسبان ميزة إضافية لدى لإسرائيل تتمثل
في كونهما أيضا من دول حوض النيل.
ويكشف الكتاب عن
نوايا إسرائيل صراحة من خلال تأكيده على أن إسرائيل يهمها زيادة حصة
أثيوبيا من مياه النيل، لأن هذا الأمر يعني من وجهة النظر الإسرائيلية
إعادة تقسيم حصص دول الحوض في مياه النيل بشكل عادل.
ويؤكد الخبير
الإسرائيلي أنه لخشيتها من أي رد فعل مصري تقوم إسرائيل بتنفيذ مخططاتها في
أثيوبيا وأريتريا بشكل حذر حتى لا تثير غضب القاهرة، خاصة وان هناك العديد
من التقارير التي تتهم إسرائيل ببناء عدد من السدود على النيل الأزرق في
أثيوبيا.
وقد حظيت أثيوبيا- التي تقود ثورة التمرد ضد مصر-
باهتمام خاص لدى مخططيالإستراتيجية الإسرائيلية نحو القارة
الإفريقية ،وذلك للأسباب التالية :
-الادعاءات الصهيونية المستندة على
الأساطير والادعاء بأن العلاقة مع أثيوبيا ترجعإلى القرن الثالث قبل
الميلاد،وتزعم أن ابن سيدنا سليمان (منليك) من زوجته
الملكةبلقيس هو
مؤسس الحبشة التي كانت تسمى (ماكدا) وأن قومية امهرا التي ينتمي إليهاالأباطرة الأحباش وآخرهم (هيلاسيلاسى) هي من
سلالة سيدنا سليمان.
- ثراء أثيوبيا بالموارد الطبيعية ،حيث يجري في أراضيها
العديد من الأنهار مثل (أباي، تكازا ، باراد ،
امودو ، اواشو ،
أتشيلي) بالإضافة إلى بحيرة (تانا) العظمى التيتشكل مخزون مالي هائل لنهر النيل.
- ثراء أثيوبيا
بالموارد المعدنيةالتي
تخدم الصناعات الإسرائيلية خاصة العسكرية منها، بالإضافة إلى معادن الذهبوالماس والفضة.
- تمتاز أثيوبيا بموقع استراتيجي جغرافي
وديمغرافي وسياسي، فهي ذات تأثير على الدول المجاورةخاصة اريتريا والصومال ، وفي حال سيطرة النفوذ
الإسرائيلي في أثيوبيا فإن الأمنالقومي العربي معرض لتهديد دائم.
تضاعفتالواردات الإسرائيلية من إثيوبيا أكثر من
ثلاثين مرة خلال عقد التسعينيات، من 0.4إلى 13.9 مليون دولار
سنويا، بينما تضاعفت الصادرات الإسرائيلية لها ثلاث مرات فقطمن 1.9 إلى 5.8
ملايين دولار سنويا.
وفي الإطار ذاته،
وحسب مصادر إعلامية صهيونية فإن شركات إسرائيلية متخصصة في مجالالاستشارات الهندسية والإنشاءات تقدمت مؤخراً
بعروض للحكومة الإثيوبية تتضمنمقترحات للمساهمة في القيام بمشاريع استثمارية
سكنية علي النيل، وذلك بتشجيع منقبل وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وقد شهد حجمالتعاون الاقتصادي الإسرائيلي مع إثيوبيا تطورا
ملحوظا ، حيث بلغتقيمة الصادرات الأثيوبية إلى إسرائيل للسنوات من
1993 – 1998 نسبة زيادة وصلت إلى230% ومن تلك الصادرات القهوة ، الجلود ، الحقائب
المدرسية، الأحذية ، الخضرواتوالفواكه ، اللحوم ، الحيوانات الحية، القطن ،
الأخشاب ، الذهب ، الكوبالت ، النفطالأسود ، السكر والحبوب ، وتلعب الجمعية
الأثيوبية للتجارة والوكالة الأثيوبيةللتصدير والسفارة الأثيوبية في إسرائيل أدوارا
ناشطة في تسهيل التعاون الاقتصاديوالتجاري بين البلدين.
أما فيما يتعلق بالصادرات الإسرائيلية إلى أثيوبيا فقدازدادت خلال عام 2003
لتصل إلى نسبة 500% بالإضافة إلى تزايد التعاون العسكرية ،حيث كشفت نشرة المعلومات العسكرية البريطانية في
يونيو 1998 بأن إسرائيل تقيمعلاقات استخبارية وثيقة مع أثيوبيا، وأن جهاز
الموساد الإسرائيلي يدير كادر كبيرلجمع المعلومات والاستخبارات في العاصمة أديس
أبابا ، بالإضافة إلى قيامه بنشاطاتفي جزيرة (دهلك) الاريترية أبرزها عدد من مراكز
المراقبة وجمع المعلومات عنالسعودية واليمن.
حاولت إسرائيل
استخدام أثيوبيا كورقة ضغط سياسية على مصر من خلال المس بحصتها في مياه
النيلوالتهديد
ببناء سدود أثيوبية تتحكم في حجم المياه الواصلة إلى مصر ، لا سيما أن 80% من المياه الواصلة للأراضي المصرية منبعها من
هضبة الحبشة ، كما تسعى إسرائيل لوضعخطط لسحب مياه النيل إلى أراضيها من اقرب نقطة
في الدول الإفريقية ؛ مما يهدد مشروعاتالري والكهرباء والزراعة على امتداد وادي النيل
ودلتا مصر.
علاقات مشبوهة مع دول المنبع:
ومن جهة أخرى شهدت العلاقات بين نيروبي وتل أبيب تطوراً سريعا وفى
كافة المجالات الاقتصادية , الزراعية والأمنية،وأشارت بيانات وزارةالخارجية الإسرائيلية إلى أن الواردات
الإسرائيلية من كينيا قد تضاعفت مرتينونصف المرة في الأعوام الثلاثة الأخيرة من 8.6
إلى 20.9 مليون دولار سنويا، بينماتضاعفت الصادرات الإسرائيلية مرتين تقريبا من 14
مليون دولار إلى 29.3 مليوندولار.
يعترف مؤلف كتاب
(صراعات المياه في الشرق الأوسط) للخبير الصهيوني أرنون شوفير بأن إسرائيل
أقامت علاقات قوية ومتينة مع دولة كينيا، لوجود منابع نهر النيل به، وكذلك
مع أوغندا التي توجد بها بحيرة فيكتوريا وسد (اوان).
ويشير الكاتب في هذا السياق إلى أنه خلال حقبتي الستينيات
والسبعينيات خشيت مصر من أن تقوم إسرائيل بإغلاق سد (اوان) وبالتالي عدم
تدفق مياه نهر النيل إلى مصر، فقامت القاهرة بإرسال فريق من الخبراء
والمتخصصين المصريين إلى أوغندا، حيث يتواجدون بشكل دائم من ذلك الحين عند
هذا السد لضمان تدفق مياه النيل الأبيض بشكل منتظم.
ويكشف الكتاب عن
المخطط الإسرائيلي في تلك الدول ،والذي يتضمن اهتمام إسرائيل بإحداث تنمية
اقتصادية وزراعية في تلك الدول، ويشير إلى أن مصر فطنت إلى هذا الأمر، لأن
مثل هذه التنمية ستكون مرتبطة بمياه النيل –وهو ما تريده إسرائيل
بالطبع.
وفيما يخص الكونغو الديمقراطية فقد ارتفعت الوارداتالإسرائيلية منها إلى
مليون دولار تقريبا العام الماضي بعد أن كانت لا شيء تقريبا،أما الصادرات
الإسرائيلية فتضاعفت عشر مرات تقريبًا، من 0.9 إلى 5.2 ملايين دولارسنويا في الفترة ذاتها.
كما وقّعت أوغندا
وإسرائيل اتفاقاً في مارس 2000، أثناء زيارة وفد من وزارة الزراعة
الإسرائيلية، برئاسة مدير الري في الوزارة، موشي دون جولين ينص على تنفيذ
مشاريع ري في عشر مقاطعات متضررة من الجفاف، وإيفاد بعثة أوغندية إلى
إسرائيل لاستكمال دراسة المشاريع، التي يقع معظمها في مقاطعات شمال أوغندا،
بالقرب من الحدود الأوغندية المشتركة مع السودان، وكينيا، وسيجري استخدام
المياه المتدفقة من بحيرة فكتوريا لإقامة هذه المشاريع، وهو ما يؤدي إلى
نقص المياه الواردة إلى النيل الأبيض، كذلك أعلنت إسرائيل أنها مهتمة
بإقامة مشاريع للري في مقاطعة كاراموجا الأوغندية، قرب السودان، حيث يمكن
ري أكثر من 247 ألف هكتار من الأراضي الأوغندية عبر استغلال اثنين ونصف
مليار متر مكعب سنوياً، في حين أن المياه المستخدمة حالياً لا تزيد عن 207
ملايين متر مكعب فقط، تروي 32 ألف هكتار من الأرض، ولا تقتصر خطورة الوجود
الإسرائيلي في دول أعالي النيل على الاستعانة بالخبراء والتعاون الفني في
المشروعات، لكنها تمتد إلى التعاون الاقتصادي الزراعي برأسمال يهودي، يهدف
إلى تملك أراضي في المنطقة بدعوى إقامة مشاريع عليها، أو تحسين أراضيها، أو
إقامة سدود بها.
إسرائيل وحرب المياه القادمة:
ومما يؤكد على التورط الصهيوني في الأزمة المائية الأخيرة بين مصر
والسودان من جانب وباقي دول حوض النيل من جانب آخر هو تأكيد مصادر إعلامية
إسرائيلية على أن الفترة القادمة ستشهد حرباً شعواء بسبب المياه، حيث زعمت صحيفة يديعوت أحرونوت فى تقرير لها
إن حرب المياه في المنطقة ستندلع في العقد المقبل، مشيرة إلي الأزمة
الأخيرة التي فجرها توقيع دول منبع نهر النيل لاتفاقية جديدة لتقسيم مياه
النيل التي استثنت مصر والسودان.
وأضافت الصحيفة
الإسرائيلية أن التحدي الذي أبدته دول حوض النيل ضد الاحتكار المصري لمنابع
النهر أغضب القاهرة وجعلها في حالة غليان، موضحة أن تلك الدول رفضت أي حل
وسط ، وقامت بنشر التهديدات قائلة : إن حرب المياه ستنشب خلال العقد المقبل
.
إجمالاً، فإن هدف إسرائيل الثابت من وجودها في أفريقيا هو
الرغبة في الحصول على مياه النيل، والضغط على صانع القرار المصري، نظراً
لحساسية وخطورة ورقة المياه في الإستراتيجية المصرية، وذلك عبر اعتماد تل
أبيب على لعب دور غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض النيل، استفادة من
نفوذها الكبير في دول مثل، إثيوبيا، وكينيا، ورواندا، مستغلة الدعم
الأميركي الواضح لها من أجل السيطرة المشتركة على بلدان القارة الأفريقية،
وهو ما يؤثر في الأساس في الأمن القومي المصري والسوداني، الأمر الذي يجعل
من الأهمية بمكان سرعة التحرك لمحاصرة هذا التدخل الإسرائيلي، قبل أن يصبح
خطراً حقيقياً، يهدد الجميع، ولعل مؤشر الأزمة الأخيرة مع دول حوض النيل
لخير دليل على ذلك.
المصدر: مفكرة الإسلام
[